السؤال الأول: كل الانظار متجهة حالياً نحو العملية الانتخابية المخطط عقدها هذا العام، ما مدى جاهزية المفوضية واستعداداتها لتنفيذ العملياتالانتخابية التي أقرها التعديل 13 من الاعلان الدستوري؟
ــــــــ الخبرة التي اكتسبتها كوادر المفوضية خلال العشر سنوات الماضية جعلت جاهزيتها على مستوى متابع لمتغيرات العملية السياسية ذاتالعلاقة بمسار الانتخابات، فأي تطور على الصعيد السياسي من المؤكد انعكاسه على ملامح العملية الانتخابية محل اتفاق الاطراف السياسية،فالتعديل الأخير في الإعلان الدستوري جاء بثلاث عمليات انتخابية متزامنة، وهذا العدد من العمليات غير مسبوق في الخطط الموضوعة من قبلالمفوضية، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في البنية التحتية أولاً؛ ومن ثم الموارد البشرية التي سوف تنخرط في تنفيذ تلك العمليات ثانياً، ونحن حالياًنعمل على توسعة ما يعرف بـــ (بمركز الإحصاء والعد) لكي يستوعب عملية حصر نتائج العمليات الانتخابية الثلاث بهدف الإعلان عنها خلال فترةزمنية وجيزة، كذلك نعمل على توسعة (مركز المساعدة) وهو المركز المعروف بــالخط (1441) والمعني بالرد على استفسارات الناخبين لكي يستوعبأكبر عدد من اتصالاتهم خلال فترة التسجيل وتوزيع البطاقات على الناخبين، بالإضافة إلى الانتهاء من وضع اساسات مشروع (الرقابة الذاتية) الذي سيطبق خلال يوم الاقتراع للعملية القادمة، الذي يهدف إلى تعزيز سيطرة المفوضية على سير عملية الاقتراع والتأكد من إنجازها وفق القانونواللوائح التنظيمية، وهنالك العديد من الاستعدادات الفنية قيد التحضير والتجهيز لا يتسع المجال لذكرها بالتفصيل.
السؤال الثاني: ما هي المعطيات الفنية ذات العلاقة بالعملية الانتخابية الواردة في التعديل (13) من الإعلان الدستوري؟
ـــــــ لقد أقر التعديل (13) من الإعلان الدستوري الصادر في 21 فبراير 2023، في مادته (30) ما يلي:
أولاً/ ثلاث عمليات انتخابية تتمثل في انتخاب رئيس الدولة، وانتخاب مجلس الأمة بغرفتيه (مجلس النواب، ومجلس الشيوخ)، وسوف تنفذ العملياتالثلاث بشكل متزامن.
ثانياً/ العمليات الانتخابية الثلاث سوف تُنفذ بنظام الجولتين، أي أن شرط الفوز بأي من مقاعد تلك العمليات يجب أن يحقق (50% + 1) من أصواتالناخبين يوم الاقتراع، وإن لم يتحقق يُصار إلى الجولة الثانية.
ثالثاً/ سوف تُلغى كل العمليات الانتخابية في حالة تعذر أو تعثر إجراء عملية انتخاب الرئيس، أي أن انتخابات مجلس الأمة مرتبطة بنجاح عمليةانتخاب الرئيس.
رابعاً/ نظام الانتخاب هو (النظام الفردي) في العمليات الثلاث، وقد يتبنى هذا النظام نوعين من الترشح الأول (للمستقلين) والثاني (للأحزاب)، وهذايتوقف على خيارات لجنة 6 + 6 المكلفة بصياغة القوانين الانتخابية.
خامساً/ يجب أن تُجرى الانتخابات خلال 240 يوماً من دخول القوانين حيز التنفيذ، أي أن المدة الزمنية لتنفيذ الانتخابات الثلاث تحسب ابتداء منتاريخ استلام المفوضية للقوانين الانتخابية.
السؤال الثالث: الكل يطالب بانتخابات نزيهة وشفافة، هل هناك تخوف من أن هذه الانتخابات يمكن أن تُجرى وتكون نتائجها غير نزيهة؟
ـــــــ لكي يتحقق شرط النزاهة في العملية الانتخابية يجب أن تتحقق المعايير الثلاث التالية، وهي:
أولاً/ الشفافية، أي أن المعلومات والإجراءات المتعلقة بتنفيذ العملية الانتخابية متاحة للجميع ابتداء من القانون وانتهاءً بالنتائج.
ثانياً/ الشمولية، أي أن قانون الانتخاب لا يُقصي أحداً لأسباب سياسية أو عرقية، ولا يتضمن تمييز سلبي يمس بحق المواطنة.
ثالثاً/ المصداقية، أي أن مخرجات العملية الانتخابية يجب أن تكون معبرة عن نسب المشاركة وعن أصوات الناخبين الفعلية ومنزهة عن التزوير.
وهنا يأتي دور اللجنة (6 + 6) القائمة على صياغة القوانين الانتخابية الثلاث، إذ يجب عليها أن تأخذ في اعتبارها تلك المعايير عند صياغتهاللقوانين ذات العلاقة، ومن ثم فإن جوهر النزاهة يكمن في الصياغة الدقيقة للقوانين الانتخابية، وهذه التخوفات يجب أن تُنقل إلى اللجنة التي منالمفترض أن تعمل على تبديدها وترسيخ المعايير الدولية المتعارف عليها في هذا الشأن.
السؤال الرابع: ماهي حقيقة القوة القاهرة؟ وماهي الإجراءات التي اتخذت في سبيل تفادي تكرار مثل هذه التحديات مستقبلاً؟
ـــــــ مصطلح (القوة القاهرة) ورد في نص المادة (43) من القانون رقم (1) لسنة 2021 بشأن انتخاب رئيس الدولة وتحديد صلاحياته، وهي القوةالتي تعيق تنفيذ عملية انتخابية وفق المعايير الدولية المتعارف عليها في هذا المجال، وتنتقص من المبادئ التي يجب أن تقوم عليها عملية التنفيذ، وماحدث في انتخابات 24 ديسمبر أن مجموعة من العوامل القانونية والسياسية والأمنية تشكلت مع انخراط المفوضية في تنفيذها للعمليات المقررة فيذلك الوقت، وهذه العوامل حالت دون أن تستكمل المفوضية مهامها بالخصوص، كان بإمكاننا أن نستمر في عملية التنفيذ إلا أن المحصلة في النهايةستكون عملية تفتقد إلى النزاهة وغير ذات مصداقية، وسوف يتم الطعن فيها أمام القضاء ويبطل نتائجها وما لذلك من آثار سلبية على مستقبلالانتخابات في البلاد، أما اليوم فاعتقد أن البيئة السياسية والأمنية قد تحسنت مقارنة بالعام 2021، كما أن التوافق السياسي بين مجلسي النوابوالدولة من شأنه أن يعزز من فرص نجاح العملية الانتخابية وتبديد المخاوف المتعلقة بتكرار ظاهرة القوة القاهرة، وسنعمل عن قرب مع اللجنة المعنيةبصياغة القوانين الانتخابية لتفادى مسألة المطالبة بتعديل القوانين بعد إقرارها من السطلة التشريعية.
السؤال الخامس: هناك من يدفع بوجود تدخل أجنبي مؤثر في مسار العملية الانتخابية، وأن هذا التدخل طال عمل المفوضية؟ هل هذا صحيح؟
ــــــ للأسف هذا الأمر تقف وراءه بعض أجهزة مخابرات الدول التي لا ترى مصلحة لها في استقرار ليبيا ما لم يتحقق لها مرادها وأهدافها التيتخدم مصالحها، ويوجه بشكل أساسي إلى ضرب العملية الانتخابية بزعم أن العملية الانتخابية والمفوضية مخترقة من قبل بعض الدول؛ وهي التيتحدد مسار تلك الانتخابات ومن يترشح ومن لا يترشح، هذا الادعاء عارٍ عن الصحة، فالمفوضية مؤسسة دستورية مستقلة لا يتدخل في عملها أياًكان محلياً أو دولياً، و لا تستطيع أي جهة أن توجه عملنا أو تؤثر فيه، فهذا الأمر بالنسبة لنا خط أحمر لا نسمح لأحد بتجاوزه مهما كانت صفته،فالمفوضية هي ملك الشعب الليبي وأمانة سُلمت إلينا ويجب أن نحافظ عليها إلى أن يستلمها غيرنا، كما نتأسف لبعض الشخصيات السياسية التيتسوق لهذا الأمر عن جهل وتتبنى رسائل المخابرات الأجنبية عن عدم وعي في توجيه خطابها إلى مجتمع لا يزال يتلمس طريق الخلاص من أزمتهالحالية، كم هي سعيدة أجهزة المخابرات الأجنبية وهي ترى بعض النخب الليبية تسوق لرسائلها وتنوب عنها في بث سمومها في هذا المجتمع الذيتنقصه الخبرة في التعامل مع العالم الخارجي.
السؤال السادس: هناك الكثير من الناشطين والنخب السياسية يتداولون في مداخلاتهم الإعلامية معلومات غير مؤكدة ذات علاقة بالعملية الانتخابية،فهل هذا الأمر يستقيم مع حرية التعبير عن مواقفهم السياسية؟
ـــــــ ما يُطرح في مختلف وسائل الإعلام من قبل من يدعون بأنهم نخب ومطلعين على الشأن السياسي الليبي هو مجرد تحليلات واستنتاجاتأحياناً تلمس الواقع وأحيانا تغيب عنه كلياً، حتى أن بعض النخب السياسية العربية التي تظهر في وسائل الإعلام العربية انخرطت هي الأخرى فيتقديم وطرح استنتاجات سطحية تنم على عدم درايتها واطلاعها بتفاصيل المسار السياسي والانتخابي في ليبيا الأمر الذي يوقع الجميع فيما يُعرفبـــ(فخ المعلومات المضللة) التي يُعاقب عليها القانون.
إن ممارسة التضليل على المواطن والناخب الليبي بطرق شتى ومختلفة لا يمكن أن يُقيد بتشريع مهما وُضعت من قيود وضوابط قانونية تتعامل معهذه الفئة، وانما يبقى الضمير والوازع الأخلاقي لدى تلك النخب هي من تحكم المعلومات التي تقدم للناخب بغض النظر عن مواقفهم السياسيةالداعمة أو الرافضة لإجراء الانتخابات.
السؤال السابع: لقد واجهت المفوضية (خطاب كراهية) غير مسبوق لم تواجهه أياً من مؤسسات الدولة في الانتخابات السابقة والتي عُرفت بـــانتخابات 24 ديسمبر، ما هو موقفكم من هذا الخطاب؟ وما هي خططكم المعدة لمواجهة من ينشرون هذا الخطاب في الانتخابات المقبلة والمخططعقدها هذا العام؟
ـــــــ نعم، لقد واجهنا خطاب كراهية وفتنة لم يسبق له مثيل من قبل، سقطت فيه كل القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية، وبرزت فيه قيم الحقدوالكراهية والتشكيك في نزاهة المفوضية ومجلسها القائم، مورس هذا الخطاب من قبل شخصيات سياسية وإعلامية على السواء كانت رافضةلمجريات العملية الانتخابية في ذلك الوقت، ونحن هنا لا نهتم للمواقف السياسية لأي مواطن ليبي مهما كانت صفته فله حرية الاختيار والرأيوالتعبير، وانما سنتصدى لمن يمارس خطاب الكراهية الذي من شأنه أن يمس من نزاهة العملية الانتخابية والقائمين عليها، إذ أن القوانين الانتخابيةالليبية تُجرم أفعال خطاب الكراهية ومن يقوم بنشر المعلومات المضللة، وفي هذا الصدد نحن على استعداد لمواجهة منظومة خطاب الكراهية ومن يقفوراءها، والتعامل مع هذا النوع من الممارسات السلبية غير الأخلاقية وذلك من خلال إنشائنا لمركز حديث ومتطور للرصد الإعلامي (قيد الإنجاز) يعمل على متابعة الخطب والرسائل الإعلامية الصادرة عن تلك المنظومة ولها علاقة بالشأن الانتخابي، كما انه لدينا تواصل وثيق مع (الهيئة العامةللرصد المحتوى الإعلامي) ونحن بصدد وضع خطة مشتركة تهدف إلى رصد المحتوى الإعلامي ذي العلاقة بالعملية الانتخابية، ولن نتردد في إحالةكل من يُمارس خطاب الكراهية مهما كانت صفته ومركزه السياسي إلى القضاء.
السؤال الثامن: هل وسائل التواصل الاجتماعي مستهدفة بالرصد مثل بقية الوسائل الإعلامية الأخرى.
ـــــــ نعم، كنا نتأمل من الرواد والمدونين الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي وعلى رأسهم تطبيق (Facebook) أن يكون لهم مساهمةإيجابية في نشر الوعي الانتخابي بين المواطنين الليبيين، وهذا ما حدث فعلاً في انتخابات 24 ديسمبر إذ أن العديد من الصفحات الداعمة لمسارالعملية الانتخابية كانت لها بصمة إيجابية وردود افعال وطنية ساهمت بشكل جلي في الدفع بالمواطنين وتحفيزهم لممارسة حقوقهم السياسية والتييأتي على رأسها (حق الانتخاب)، وهنا أود أن اتوجه بالشكر والتقدير لأصحاب الصفحات التي ساهمت إيجاباً في نشر الوعي الانتخابي وكان لهمدور بارز في نقل ونشر المعلومة الصحيحة بين المواطنين ونتمنى منهم أن يستمروا في أداء واجبهم نحو وطنهم من خلال هذه الوسائل التي تعد اليوممن أقوى وسائل التأثير على توجيه الرأي العام.
وفي المقابل كانت هناك صفحات تعمل ولازالت بشكل ممنهج على نشر خطاب الكراهية، وهذه الصفحات محدودة العدد ولدينا معلومات كافية للتعاملمعها من خلال تواصلنا مع المكتب الإقليمي للشركة (ميتا) وستكون مستهدفة بالرصد حال الشروع في تنفيذ العملية الانتخابية.
السؤال التاسع: ما رسالتك إلى الليبيين؟ وهل لديك ما تضيفه في هذا اللقاء؟
ـــــــ إن نجاح العملية الانتخابية هي محصلة تضافر جهود الجميع ونجاحها ليس وقفاً على المفوضية ومن يقودها، إذ أن الغاية من الانتخابات هوترسيخ مبدأ التداول السلمي على السلطة واستقرار الوضع السياسي وفقاً لهذا المبدأ للانطلاق لاحقاً في بناء الدولة، ومن ثم على الجميع أن يشتركفي تحقيق هذه الغاية وصولاً للخروج من الأزمة التي تعصف بالبلاد وتهدد كيانها منذ ما يقرب عشر سنوات، فعندما ارجع بالذاكرة للانتخابات 24 ديسمبر أتأسف للمواقف السلبية التي وضعت المفوضية بمفردها أمام تحديات العملية الانتخابية، فالكل وقف متفرجاً وكأن الانتخابات تحصل فيدول أخرى غير ليبيا، وكانت معظم الأجواء السائدة سلبية لا تشجع على الاستمرار في استكمال تلك العملية، غابت روح التفاؤل عند الشعب، وتنكرمن في السلطة لدعم المفوضية لولا روح الوطنية والإرادة القوية لدى من هم قائمين على تنفيذ تلك الانتخابات والداعمين لها من الصفوف التالية فيأجهزة الدولة المختلفة لما تحقق ما وصلنا إليه من مراحل في تلك الانتخابات.
أكاد أجزم أنها الفرصة الأخيرة للخروج من الأزمة السياسية عبر بوابة الانتخابات، وإلا إن البوابات المحتملة الأخرى لن تكون في صالح مستقبلالوطن بل سوف تعزز الانقسام السائد وتضع مستقبل البلاد في مهب الرياح ولا أحد يستطيع أن يتنبأ بمصيرها ومصير الأجيال القادمة، ونحن منجانبنا لن ندخر جهداً في سبيل اغتنام هذه الفرصة ونجاح الانتخابات، وفقنا الله واياكم لصالح البلاد والعباد، وحفظ الله ليبيا.