لقد اخذت المفوضية على عاتقها تحقيق (إرادة الشعب) في انتخابات حرة ونزيهة تقود إلي تغيير سلمي للسلطة تُنتج حالة من الاستقرار كخطوة نحو بناء دولة المؤسسات والقانون التي ينشدها الليبيون، وعلى الرغم من الصعوبات والتحديات الفنية والقانونية التي واجهتها منذ استلامها للقوانين الانتخابية إلا أنها أنجزت الكثير وباتت على مشارف انجاز تاريخي يسطع نوره على كافة ارجاء الوطن.
غير أن تلك الصعوبات لا تنفك حتى تأتي بأخرى، فقد شكلت مرحلة (الطعون) المنعطف الخطير على مسار العملية الانتخابية، وكانت بمثابة المحطة التي توقفت عندها مساعي الجميع لإنجاز هذا الاستحقاق التاريخي المسؤول لاعتبارات لم تكن في متناول القائمين عليها كان أبرزها؛ قصور التشريعات الانتخابية فيما يتعلق بدور القضاء في الطعون والنزاعات الانتخابية، الأمر الذي انعكس سلباً على حق المفوضية في الدفاع عن قرارتها، وأوجدت حالة من عدم اليقين من أن قرارات المفوضية جانبها الصواب فيما يتعلق باستبعادها لعدد من المترشحين الذين لا تنطبق عليهم الشروط، كما أن التداخل القائم بين المعطيات السياسية والاحكام القضائية الصادرة دفع بقرار الإعلان عن (القائمة النهائية) للمترشحين إلى ما يعرف بحالة (القوة القاهرة) التي أفضت إلى عدم تمكَن المفوضية من الإعلان عنها ومن ثم عدم قدرتها على تحديد يوم 24 ديسمبر يوماً للاقتراع على الرغم من جاهزيتها الفنية الكاملة لإنجاز العملية في التاريخ المذكور.
ووفقا لما ورد بالمادة (43) من القانون رقم (1) لسنة 2021 بشأن انتخاب رئيس الدولة وتحديد صلاحياته، وتعديلاته، والتي تنص على أن تُعلن المفوضية عن تأجيل عملية الاقتراع، ويحدد مجلس النواب موعداً أخر لإجراء عملية الاقتراع خلال (30) يوماً، فأن المفوضية تقترح بعد التنسيق مع مجلس النواب أن يؤجل يوم الاقتراع (للجولة الأولى) إلى 24 يناير 2022 عملاً بنص المادة أعلاه، على أن يتولى (مجلس النواب) العمل على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإزالة حالة (القوة القاهرة) التي تواجه استكمال العملية الانتخابية.
وعلى مستوى عملية انتخاب مجلس النواب المقررة بموجب القانون رقم (2) لسنة 2021، فأن عملية التدقيق في طلبات المترشحين البالغ عددها (5385) قد قاربت على الانتهاء وهي في طور المراجعة النهائية، وحال استلامنا لردود شركائنا في عملية التدقيق ومدى انطباق شروط الترشح الواردة بالقانون، سوف تصدر المفوضية قرارها المتعلق بالإعلان عن القوائم الأولية لمترشحي مجلس النواب، ومن ثم البدء في مرحلة الطعون.
وبالمناسبة نود أن نؤكد على أننا لم نتخلى عن تحمل مسؤولياتنا، وانجزنا ما يتوجب علينا القيام به بما لا يدع مجالاً للشك في حيادتينا واستقلاليتنا، وأن الاتهامات الموجهة إلينا بالتقصير والتسيس ما هي إلا مجرد حملات للتشويش والتظليل هدفها النيل من سمعة المفوضية وعرقلة هذا الاستحقاق بما يخدم اجنداتهم العبثية، وفي الوقت نفسه نضع السلطتين التشريعية والقضائية أمام مسئولياتهم والتزاماتهم في الأخذ بإجراءات تُفضي إلى نجاح هذا الاستحقاق بما يحقق آمال شعبنا وتطلعاته نحو غداً أفضل يزخر بالسلام والتنمية والرخاء.
وُفقنا جميعاً إلى ما فيه صالح البلاد والعباد والله ولي التوفيق